دايما بتشتكي يا ابن آدم من الظلم و الجور ..
قوم بص لحالك و لف و دور ..
هتلاقي في الأساس حياتك مشكلة ..
عاوزاك تصلح فيها و تبدأ تثور ..

خدها مني نصيحة
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

وابــــــدأ بنفســـــك ...

Sunday, February 7, 2010

ابجني … برضو مش هتجدني ..

مش زي عوايده خالص النهارده .. جاي و عينيه كلها تطق شرار .. في حاجة زعلته .. أكيد في حاجة زعلته .. أومال بيعاملني كده ليه بٍس؟

أمي كانت بتكلم نفسها في المطبخ .. أبويا رجع من الشغل و هو مش طايق حد في البيت .. في إيه .. منعرفش .. إيه إللي مخليه كده .. برضو منعرفش .. ربنا يستر ..

بس أمي طبعا أعصابها رهيفة .. مش قادرة تتخيل إن والدي يزعق لها من غير ما تعمل حاجة كده .. ما هي لازم تعمل حاجة مش مظبوطة كده عشان تستوعب إنه بيزعق ليه .. فطبعا يا عيني قعدت تكلم نفسها و أنا جنبها مش عارف أعمل إيه .. فرحت لأبويا أشوف إيه المشكلة ..

دخلت أودته أول حاجة عملها قالي: إيه إللي جابك هنا .. أنا عاوز أقعد لوحدي

قلت له: طب ممكن نعرف بس حضرتك مالك .. من ساعة ما حضرتك جيت و إنت متضايق و مكلضم وكلنا قلقانين عليك

قالي و هو مخنووووق جدا: تخليت عن مبادئي …

بسم الله الرحمن الرحيم .. مبادئ إيه و كلام كبير إيه … لا لا دا الموضوع شكله تحفففففة … فقلت له بقلق: مش فاهم يا بابا .. في إيه بجد؟ قلقتني عليك أوى

قالي و الدمعة على عينه .. بجد كان حالته تصعب على الواحد: النهارده جالي واحد المصلحة و كان عاوزني أمشيله ورقه بسرعة عشان مستعجل .. و أنا كان معايا واحدة ست عجوزة .. لو ستك كانت عايشة كانت هتبقى أدها في السن .. و مش قادرة تقف و لا تصلب طولها .. و جه أستاذ إسماعيل لا يكسب و لا يربح و قومها عشان البيه الباشا يقعد .. روحت قايم من مكتبي و جبت لها كرسي من مكتب تاني و خليتها تقعد .. و خدتها عند إني هخلص ورق الست دي الأول .. هي نهيبة و لا نهيبة يعني .. و بعدين هي إللي جت الأول و المثل بيقول فيدز إز فينيست … قعدت أخلص في ورقها و أدور في الملقات عشان أخلص لها مصلحتها …

سكت أبويا شويه و قلت له: طب إيه المشكلة .. ما تخلص لها ورقها و خلاص يعني

قالي وصوته كله مخنوق: ما أنا كنت فاكر كده يا بني .. بس لقيت سي الأستاذ إسماعيل جاي ووطى عليا كده و قالي: خلص الباشا الأول دا الباشا الكبير و لازم تخلصه أول بأول عشان ما تترفدش النهارده ..طبعا أنا روحت فازع فيه و قلت له: الست دي جايه بقالها يجي ساعة و كل ما تروح لموظف يقولها روحي اعملي دمغة عند فلان و روحي هاتي لي ورقة عليها ميت شاهد عشان أخلص لك الورق .. و الست دي من حقها ورقها يخلص الأول .. إنت أول مرة تعرفني يا أستاذ إسماعيل و لا إيه

قلت له: جدع يا بابا .. طب ما إنت كويس أهو .. أكيد الباشا التاني دا سكت بقى

قالي : يا ريييييييييييت .. بس تقول إيه .. حكم القوى .. لقيت أستاذ إسماعيل موطي عليا تاني و قالي: إنت عارف مين الباشا .. قلت له بصوت عالي: مين يعني سيادته .. وطي عليا تاني وقالي: دا البيه سواق ابن وكيل الوزارة ..طبعا أنا الدم غلي في نافوخي .. واحد سواق أنا أحسن منه مليون مرة قاعد و منجعص و حاطط رجل على رجل أدامي و يقوم الست الغلبانة عشان يقعد بسلامته .. روحت زعقت في أستاذ إسماعيل و قلت له: و أنا مالي ومال الحاجات إللي مالهاش لازمة دي .. أنا هنا في شغل .. و إنت عارف إني في شغلي معرفش خيارو فقوس .. كله عندي واحد .. و إللي بيجي الأول هو إللي ورقه بيخلص الأول .. أقولها تاني ولا إيه يا أستاذ إسماعيل

قلت له: بجد جامد يا والدي .. طب إيه المشكلة بس

قالي: المشكلة يا بني إن الباشا السواق راح قايم و قال:كل دا هيوصل للباشا الكبير .. أنا سواق البيه الصغير أقعد مستني واحد زيك عشان يخلص لي ورق البيه .. طب و الله لا يوصل للباشا ..

قلت له: يا خبر أبيض طب و بعدين

قالي: و لا قبلين ..  أنا اتحمقت أوى و قلت له: الباشاوات و البهوات خلصوا من زمان و دلوقتي كلنا ولاد تسعة يا فندم ..

قلت له: برافو يا بابا .. أومال ما بنشوفش الجدعنة دي بينك و بين ماما ليه يعني

قالي: اسكت يا وله و إلا مش هكمل …

قلت له: لا خلاص خلاص .. كمل يا بابا

قالي بعد تنهيدة طويلة: الأستاذ إسماعيل ربنا يخليه لمصر و الأمة العربية راح مميل على الباشا السواق وقاله حاجة في ودانه .. راح السواق انشكح كده و فجأة لقيته مطلع ظرف من جيبه و حاطه أدامي .. قلت له طبعا بسذاجة: إيه الظرف دا .. قالي : دا الشاي بتاعك … الدم كان خلاص هيخرج من مناخيري من كتر الاندفاع قلت له: لا شاي و لا قهوة يا فندي إنت .. إحنا هنا مصلحة حكومية و في حاجة اسمها نظام و هخلص ورق الست الغلبانة دي الأول يعني هخلصه الأول .. فاهم حضرتك .. و روحت بقى مخبط في الكل و قلت: و بعدين إنت حياله سواق حكومي يعني زيك زي سواق أتوبيس الحكومة برضو يعني بلاش العنطظة دي ..

قلت له: يا خبر أبيض .. إيه يا بابا دا .. دا إنت خبطت في الحلل على الآخر ..

قالي : و يا ريتني ما عملت كده .. فجأة و جه مدير المصلحة و زعق: إيه الدوشة إللي عندكوا دي .. روحت جاري عليه و حكت له الحكاية بمنتهى الثقة إنه هيساعدني و يقف جنبي .. بعد ما حكيتله القصة لقيته سكت شويه .. و راح رايح لسواق الباشا و مسلم عليه و قاله: ورقك على عينيا بس إنت تبقى افتكرنا عند الباشا بكلمتين حلوين و انسى اللي حصل دا ..

يا خبر أبيض على الكوسة .. سواق يبقى أحسن من موظف الحكومة .. إيه البلاوي إللي نازلة علينا دي يا رب

راح أبويا مكمل و قال: طبعا أنا كنت خلاص منهار على الآخر .. و مدير المصلحة قالي خد الظرف دا و خلص شغل الباشا لأحسن من النهارده لا إنت موظف هنا و لا ليك أي علاقة بالمصلحة .. و راح أستاذ إسماعيل واخد الظرف و حاطه في درج مكتبي و قالي : يلا بقى يا حنفي ما تنشفش دماغك أومال .. وقعت على الكرسي .. و قعدت أفكر كتير أوى .. أفكر في ديوني و أفكر فيكم و أفكر في كل حاجة حواليا .. بقالي 25 سنة باشتغل في المصلحة ما أخدتش قرش حرام عليا و لا على ولادي .. بقالي 25 سنة باتداين و باركب الأتوبيس و شايف زمايلي كلهم إللي جاب عربية و إللي اشتري شقة واسعة و إللي و إللي .. و قلت لنفسي رضا ربك قبل رضا أي مخلوق على وجه الأرض .. و المصلحة كلها عارفة إني عمري لا باخد شاي و لا قهوة ولا حتى نسكافيه عشان أبدي حد على حد .. و في الآخر يجي سواق عند ابن وكيل الوزارة يعمل فيا كده .. حتة سواق لا راح و لا جه يحط رجل على رجل في وشي و يجبرني إني أخد رشوة و اخلص له ورقه قبل الست المسكينة دي .. بصيت في عينين الست اللي واقفة مزهولة من الموقف و لقيتها بتعيط حاولت أفهمها إن مش بإيدي إللي بيحصل دا .. لكن فين .. مش عارف أقول لها أي حاجة و أستاذ إسماعيل ورايا و السواق الدهل دا أدامي .. كنت خلاص في النفس الأخير .. و للأسف رضخت للأمر ا لواقع و خلصت له ورقه و مشي و هو كله تكبر و غرور عشان كلمته هيا إللي مشيت برضو .. مع إن ورقه دا المفروض بالروتين الحكومي يقعد شهر عقبال ما يخلص .. لكن تقول إيه إللي معاه قرش يسوى قرش .. و إللي معاه ظرف يسوى إللي جوه الظرف .. حاجة تجن .. حاجة تجن

قعد أبويا يعيط و يبكي من كتر الألم إللي حس بيه النهارده .. و أنا كنت خلاص هنفجر و نفسي أصرخ في وش العالم كله .. أبويا الشريف العفيف يتعمل فيه كده .. أبويا إللي كله نزاهة و حب لتراب البلد دي يتعمل فيه كده .. و عشان إيه .. عشان الفلوس .. يا خي طظ في أي حاجة تعمل في انسان شريف كده ..

طبطبت على أبويا و قلت له: ما تزعلش يا بابا .. هيا الدنيا كده .. و للأسف إحنا إللي سمحنا للكبار إنهم يكبروا على قفانا .. و سمحنا للدنيا إنها تمشي بالمعووج ..

قالي و هو بيمسح دموعه: حد الله بيني و بين الحرام يا بني

و راح قايم و جاب لي الظرف و راماه أدامي وقالي: أنا معرفش هما فيهم كام بالظبط لإني ما فتحتهوش .. خده ووديه لأي مسجد أو ملجأ و اتبرع لهم بيه .. و ربنا يسامحني على إللي حصل دا .. ربنا يسامحني ..

بصراحة .. حسيت إني لازم أسيبه يقعد بينه و بين نفسه .. و قلت لنفسي: المشكلة فين؟ .. بجد المشكلة فين هنا؟ .. مش عارف أجاوب على السؤال دا بالذات .. لإنه مش بإيدي .. بس كل إللي أنا حاسس بيه إن لو كلنا ربينا ولادنا على إنهم ما يمشوش بمبادئ أبجني تجدني و اظرفني تصرفني و غديني تلاقيني  و عشيني تمشيني … أكيد هيجي اليوم إللي نلاقي فيه جيل جديد طالع لنا مفيهوش غش و لا خداع و لا نفاق و لا رشوة .. أكيد هنلاقي جيل مختلف يقف في الطابور عشان جه متأخر و ميزعلش لإن دا الصح و هنلاقي جيل عمره ما ياخد ولا يقبل على نفسه قرش واحد حرام في سبيل أي متعة في الدنيا ..

أول ما خرجت من أودة أبويا لقيت أمي طالعة من المطبخ و بتقولي: إيه يا مغاوري يا بني .. معرفتش إيه مزعل أبوك ..

قلت لها: بكره يهدى …. و ادعيلنا ربنا يفك كرب جيلنا على خير …

ساعة طبعا عشان أمي تنطقني و أنا حالف يمين طلاق ما أنا قايلها .. و أخدت الفلوس و جري على أقرب مسجد و حطيت الظرف في صنودق التبرعات و كتبت عليه: دي كانت رشوة أخدها واحد برئ منها و حب إنها ترجع لربنا تاني عشان تنضف من أي سوء ..

1 comment:

يـــــــلا نتغـــــــير said...

السلام عليكم
الرشوة بقت فى كل مكان وفى كل زمان المشكله فى اللى بياخد الرشوه لو كانت الناس من زماااان مقبلتهاش كانت الجيل نظيف ومكنش فيه واحد سائق يعمل كده ربنا يسترها معانا دنيا وركاته
واخرة وربنا يكرمنا ويغفر لنا خطايانا
والسلام عليكم ورحمه الله
سلوى السيد