دايما بتشتكي يا ابن آدم من الظلم و الجور ..
قوم بص لحالك و لف و دور ..
هتلاقي في الأساس حياتك مشكلة ..
عاوزاك تصلح فيها و تبدأ تثور ..

خدها مني نصيحة
"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"

وابــــــدأ بنفســـــك ...

Thursday, January 7, 2010

ابني إللي ما ربتهوش

من و أنا طفل صغنن كده و أنا ليا واحد صاحبي في الحارة اسمه مصطفى .. هو صحيح أكبر مني بحبة محترمين بس واد مجدع أوى .. صحيح ما كملش تعليمه بس ماسك محل والده الحاج مصيلحي ..

مرة جالنا زيارة هو و والده .. و عرفت ساعتها بس إن الدنيا دي لسه بخير و الله .. أكيد مش عشان هما زارونا .. بس عشان عرفت حقيقة محتاجينها في حياتنا ..

أخدت مصطفى و خرجنا نشتري شويه حاجات للبيت .. أمي طبعا إللي عاوزاها أومال مين ..

في وسط الكلام باقوله: دا الحاج مصيلحي دا بيحبك أوى .. يمكن عشان انت ابنه الوحيد

قالي: أنا مش ابنه أصلا ..

طبعا أنا اتخضيت جامد جدا .. مش ابنه .. بيخدعوني بقالهم أكتر من عشرين سنة .. لازم أعرف إيه الحكاية دي

لما لقاني مندهش كده .. طبعا قعد يضحك على خيبتي و قالي: أنا مش ابن الحاج مصيلحي من الدم يعني .. أنا ابنه بالتبني .. و بعدين يا بني دا إنت في البلالا خالص .. الحاج مصيلحي ما اتجوزش أساسا و أنا اسمي مصطفى فتح الله .. مش تفكر شويه و بعدين تتأكد

بصراحة أنا اتكسفت .. صحيح دا أنا معنديش مخ خالص .. أنا لا أعرف إن الحاج مصيلحي اتجوز .. بس كنت فاكر يعني إن اسمه مصطفى مصيلحي فتح الله .. عادي يعني .. ما دققتش

فقلت له: أومال إيه الحكاية؟

قالي: و الله يا بني أنا ابن واحد اسمه فتح الله .. ربنا يسامحه إن كان عايش و لا إن كان ميت .. أبويا دا بقى رماني في الشارع عشان خاطر ست الحسن و الجمال مراته الجديدة بعد ما ماتت أمي الله يرحمها ..و أنا ابن ست سنين .. لا ليا أب و لا أم و لا عزوة ولا حتى صاحب .. خدوني ولاد الحرام .. لإن مينفعش أقول عليهم ولاد الحلال خالص .. كانوا ولاد الشارع زي ما بيقولوا عليهم .. و علموني النشل و السرقة و النصب .. كنت عارف إني باعمل حاجة غلط .. بس أعمل إيه .. و هاكل منين .. و هعيش إزاي .. و أدمنت مخدرات و شربت سجاير و كانت حياتي كلها عبارة عن علامة سودا كبيرة .. أسود في أسود .. كنت كاره الدنيا .. وكاره الناس .. و كنت أشوف الأفندي من دول ماشي و معاه عربية .. ولا معاه النوبايل .. كنت أقول إشمعنى أنا؟ .. إشمعنى أنا معنديش .. مكنتش أعرف إن في رب اسمه الكريم .. مكنتش أعرف إن دا كله لحكمة رب العباد راسمهالي .. يوم ورا التاني .. اتخانقت مع العيال في الشارع و جت عربية البوليس و خدتنا كلنا على الأحداث .. وتميت المدة إللي عليا و خرجت .. مش عارف أنا رايح فين و لا أبدأ منين .. كانت حياتي صعبة أوى .. كنت بادور في الزبالة و آكل لقمة و لا أي حاجة الناس فاكرينها زبالة بس بالنسبة لي كانت أكل و كسوة .. و مرت الأيام بيا لحد ما كان عندي يجي 13 سنة .. قلت أشوف لي شغلانة شريفة أحسن .. يمكن ربنا يفرجها من عنده و ألاقي ولاد الحلال إللي يحنوا عليا بمكان نومة بدل الخرابات إللي ببات فيها كل يوم دي .. سبحان من خلاني أروح لأبويا مصيلحي و أشتغل عنده في المحل و يعاملني زي ابنه و يمكن أكتر .. و حبة في حبة قربت منه أوي و بقى يحط ثقته فيا على الآخر .. و لما عرف إني بانام في الشارع و ما ليش مكان أبات فيه .. قالي تعالى بات عندي في البيت .. كنت هطير من السعادة بجد .. و ربنا وحده أعلم إني لو كنت استمريت على كده كنت رجعت للشارع تاني و رجعت أسرق و أنهب من تاني .. بس الحمد لله ربنا ستر .. و حبة في حبة اتبناني و قالي أنا أبوك و عاملني زي أبوك بالظبط .. تصدق بالله .. أنا لو أبويا موجود مكانش عاملني المعاملة إللي بيعاملهالي دلوقتي .. تعرف إنه اشترالي شقة و قالي يوم ما تنوي تتجوز تبقى خدها .. و بيفرشهالي من دلوقتي .. و بيديني مرتب في الشغل مكنتش أحلم بيه .. و بنام في حضنه .. و باكل من أكله .. و بيجيب لي لبس من أجدعها حتت في البلد .. بعد دا كله ما أعتبروش أبويا و أقوله يا با مصيلحي .. دا أنا كده أبقى ناكر للجميل و ربنا ..

الدمعة كانت هتفر من عيني و الله .. بقى دي حكايتك يا مصطفى .. مكنتش متخيل إنك تكون ابن شارع ..

تصدقوا بالله .. أنا احترمت الحاج مصيلحي بعد الموقف دا .. واحد ربنا ما اداهوش الزوجة و لا الابن عشان يجيله يوم و يتبنى مصطفى .. حكمتك يا رب .. واحد غيره كان فكر يتجوز بدل ما يتبنى واحد مش من دمه .. الدنيا لسه فيها خير يا جدعان و الله

تاني يوم كان الجمعة .. روحت مع أمي السوق عشان أجيب لها طلباتها إللي ما بتخلصش .. إيشي خضار .. إيشي فاكهة .. إيشي لحمة .. إيشي فراخ .. دي خروجة كل شهر بعيد عنكم و عن السامعين .. و لإن أبويا عارف إن كلمة أمي إللي هتمشي في الآخر فقالي يا بني تبقى روح معاها إنت عشان ما نرجعلكوش عن طريق القسم و لا حاجة ..

و إحنا ماشين واد صغير سرق شنطة أمي و يا فكييييك .. جري .. أمي طبعا قعدت تصوت و تصرخ و تلم الناس علينا .. ناس جريوا ورا الواد و دول إللي شافوا الحادثة و التانيين قاعدين بيسألوها مالك و هي معليهاش إلا إنها تصرخ و تزعق و خلاص .. طبعا محدش فهم حاجة .. طب اشرحي يا حاجة إللي حصل .. طبعا اتوليت أنا المهمة و قلت لهم الشنطة اتسرقت.. أم هند .. إذ فجأة جابوا الشنطة و الحكومة ماسكة الواد و رابطة إيده ورا ضهره و الواد ما بيتكلمش و عينه كلها شر ... افتكرت مصطفى و قلت .. يعني لو الواد دا لقى إللي يأويه كان زمانه بقى على الحالة دي!! ..

لما روحنا البيت لقيت البت أختي حسنية فاتحة التليفزيون على مسلسل أولاد الشوارع .. و الست مها أبو عوف بتقول “دي بقت قضية رأي عام و الأأطفال بيكتروا يوم بعد يوم” ..

قلت في عقل بالي : ما هو لو كل الناس كانوا عم مصيلحي .. ولا كل أب و أم عرفوا النعمة إللي ربنا رازقهم بيها ..  و لا رجال الأعمال كانوا استثمروا مشاريع للاهتمام بالأطفال إللي زي دول .. كان زماننا ما بقاش عندنا أطفال شوارع و خايفين عليهم من الضياع .. المشكلة الكبيرة عبارة عن مشاكل صغيرة .. لو كل واحد بدأ بنفسه .. كان زماننا عندنا قوة من الشباب المتفرغ .. إللي نقدر نستثمر طاقاته دي في شيء مفيد للبلد ..

No comments: